روايه سلوي من الفصل الاول للفصل السادس عشر
غلط صغير وغلط كبير لأن بالنهاية كله غلطت الغلط الصغير بيجي بعده الكبير غلطتك انك سمحت لحد يلعب بأفكارك يوم ما مانعتك عن السجاير فهمتك اخطارها واضرارها الصحية فهمتك أنها محرمة ضمنيا لأنها تضيع الصحة والمال والرسول عليه أفضل الصلاة والسلام قال لا ضرر ولا ضرار غلطك بدأ بسجارة أعطاها لك شخص نيته أذيتك حط لك فيها حشېش فالغلط كبر والحشش لغي العقل وبدأت تتصرف بطيش وعدم وعي فكترت الأخطاء لحد ما وصلت لتطاولك عليا تخيل لو حبيبة كانت
تساقطة دموع الندم من أعين محمود
أنا أسف يا بابا أوعدك مش هعمل كده
تاني وعمرى ما استهون بأي خطأ والله أنا كتير كنت بقول لأ لحد ما ضعفت يومها قولت مرة مش هتعمل حاجة والله أنا ندمان مش عايز حضرتك ولا ماما تزعلوا مني
للأسف أنت هزيت ثقتي فيك لدرجة أنت مش متخيلها
أنا قابل أي عقاپ بس بلاش تزعل مني أوعدك مش هاستهون بأي غلط مرة تانية بس بلاش تقول كده
أوعدك أكون عند حسن ظنك وإني احوز على ثقتك مرة تانية عمري ما استهون باي فعل صغير أو كبير
اتمنى من كل قلبي أنك تعمل كده يلا أطلع صالح والدتك وراضيها ما بطلتش عياط من إمبارح بسببك
اعتذر محمود مرة أخرى وذهب لوالدته اعتذر لها واسترضاها
أما بمنزل عبد الرحيم فاعتاد عبد الرحمن أن يكن بعيدا عن الأخطاء وبالرغم من هذا لم يسلم من العقاپ وكونه محبوبا ممن حوله لا ينفي وجود المدعين للصداقة والمنافقين فدبر له أحد زملائه فخا وأجاد نصبه فسقط عبد الرحمن بشركه صريعا
عبد الرحمن إزيك
أجابه ببشاشة
الحمد لله مش باين يعني ومش بتقف معنا أبدا لا في المدرسة ولا برة
ما اعرفش حد من المجموعة اللي معك وبحرج أنا ليا عندك خدمه ممكن
أجابه بترحاب شديد
أكيد طبعا لو في ايدي استحالة أتأخر
أنا متخانق مع شوية شباب كده وهما عارفين خط سيري ومستحلفين يضربوني وأنا مش هقدر عليهم لوحدي وأصحابي سابوني فكنت عايزك معايا عشان لو حاولوا يؤذوني ما أكونش لوحدي لو مش عايز عادي من غير زعل
بجد! يعني هنروح مع بعض النهاردة
أكيد يلا
تحرك عبد الرحمن معه ولم يراوده الشك بحديثه ومع الوقت وجده يتحرك مقتربا من مدرسة البنات ولم يحب عبد الرحمن المرور جوارها
هو مفيش غير الطريق ده
أنا عارف انه زحمة بسبب المدرسة دي بس ده طريق البيت لازم أعدي من هنا
أقسم لهم عبد الرحمن مرارا أنه ليس الفاعل ويمكنه إحضار الفاعل الحقيقي دون جدوى حتى والده لم يصدقه وتعهد أمام المدرسين بتأديبه وتعهد لهم ألا يعاود ابنه فعله
أيقن عبد الرحمن سوء ما ينتظره عند العودة ظل يقسم لوالده طوال الطريق أنه لم ولن يفعل لم يتحدث والده فقط انتظر وصولهما وعندها جذب ناصيته وادخله الغرفة وحدثه أمرا بحدة
اقلع هدومك كلها وأجهز لنتيجة فعلك أنا هوريك يعني أيه تمد إيدك على واحدة ما تحلش لك وتعاكس بالسڤالة دي
أمتثل عبد الرحمن ووقف منتظر عقابه على ما لم يفعل
والله يا بابا مش أنا اللي عملت كده ده زميلي في المدرسة
أخذ عبد الرحيم حزاما عريضا ووقف أمام ابنه شاحب الوجه الذي يحاول جاهدا إخفاء خوفه ويجاهد لحبس دموعه لم يرأف بحاله والده وتحدث وهو يهوى بجلداته على جسد ابنه
ولما هو صاحبك سابوه ومسكوك ليه
عاد وهوي بحزامه عدة مرات واسترسل
وايه اللي وداك عند مدرسة البنات من الأساس
أجاب والده بصوت مخټنق ومتقطع وقد بدأت شرارات اضرام النيران بظهره أثر جلدات الحزام
طريق بيته كان عايزني أروح معاه عشان في زمايل له عايزين يضربوه
لازال يهوي بحزامه وهو يحادثه
بلطجي مثلا ولا كنت رايح تشاركه كل واحد يقل أدبه على بنت بس حظك كان وحش واتمسكت أنت وهو هرب
مع نهاية جملته سدد له عدة ضربات حاړقة سريعة بكل ما أوتي من قوة
فانتفض عبد الرحمن مخفضا رأسه ومغلقا عينيه كمحاولة لتحمل الألم تحدث مدافعا عن نفسه بصوت مخټنق متقطع
والله العظيم أبدا هو قالي أنه أنه خاېف وأصحابه سابوه وخافوا كنت بساعده
لم يستمع له ظل يسدد ضرباته واحدة تلو الأخرى رج دوي الضربات أرجاء المنزل تفزع حافظة وتنتفض مع كل ضربه انسابت دموعها شفقة على ابنها لم تستطيع معنها عنه
ظل والده على فعله حتى احترق ظهر عبد الرحمن كاملا فبدأ عبد الرحمن بالتوسل لوالده محاولا كظم ألمه
بابا كفاية كفاية أرجوك
والله مش أنا مش بكذب أرجوك كفاية
توقف والده أخيرا وقد تلون ظهر عبد الرحمن بين الزرق والأحمر القاتم
وحدث ابنه متوعدا ومنذرا
ياريت وجعك ده يفكرك واحدة ما تجوزش لك
ألقى عبد الرحيم بحزامه ثم خرج من الغرفة ترك ابنه محاصرا بألمه ولم تجرؤ حافظة أن تدخل له ظل عبد الرحمن يتنفس بسرعة يحاول كظم ألمه وجمع شتات نفسه حتى تمكن بعد فترة وارتدى ملابسه
استجمع عبد الرحمن قواه واحتوى ألمه ثم ذهب لبيت الشاب الذي ورطه سحقه ضړبا ثم ذهب إلى والده قص عليه ما حدث وأخبره بنهاية حديثه بما أراد
أنا يا عمو مش جاي لحضرتك عشان تاخد حقي لأني أخدته لكن جاي ومتأكد أن حضرتك هتاخد حق البنت وتعلمه ما يكررش فعله مع أي بنت تانية وأسف لأني ضړبته لكن حضرتك عارف العين بالعين والسن بالسن والبادي أظلم
رحل عبد الرحمن مستمعا لصرخات الشاب إثر ما يتلقاه من والده لم يشعر بالأسى عليه ولا السعادة ولكن شعر باسترداد كرامته وأخذ ثأره
الفصل الثاني
وكعادة الحياه نفقد بها الأحباب فما الحياه إلا لقاء وفراق وإن طال اللقاء إشتد المړض على محمد وفارق الحياة وكأنه علم بقرب الفراق فأعد محمود ليصبح خلفا له أتمت حبيبة في هذا الوقت عامها الخامس لا تعي ولا تدرك أين ذهب والدها معتقده أنه سيعود يوما ما
عمل محمود على طمأنتها واحتوائها ظل قريبا منها ملازم لها معظم الوقت يأتي من مدرسته إليها يذاكر بالقرب منها شعر حقيقتا إنها ابنته وليست اخته الصغرى زاده حزنه على والده
قوة وزاده اشتياقه له رجولة فحاول دوما أن يكن سندا لوالدته حانيا عليها وعلى حبيبة ورفيقا بهما وأن يعوض أخته حنان الأب الذي افتقدته مبكرا
ذبلت فاطمة ذاب قلبها اشتياقا فبهتت بسمتها وانحنت قامتها وكأن روحها ذهبت مع زوجها ورفيق دربها وما عادت تتمسك بالحياة إلا من أجل ابنائها فمن لهم سواها
عام قاس على الأسرتين فأذاقهما مرارة الفقد فذاق عبد الرحيم ألم الفراق پوفاة والدته بعد صراع مع المړض فحزن عليها حزنا شديدا فقد كان متعلقا بها بشدة لم يتخيل أن تغب عنه يوما فلحق به المړض وأعياه فسقط صريعا طريح الفراش لعدة أسابيع تخلت عنه قوته وهيمنته السابقة بات ضعيفا لا يقوي على أبسط الأشياء لازمه عبد الرحمن يرعاه ويمرضه ينام بالقرب منه حتى لحق عبد الرحيم بوالدته
وعلي نحو أخر أعاد هذا العام لحافظة حياتها فلم يعد هناك من يؤدبها أو يوبخها أو حتى يحاسبها وأخيرا تنفست الصعداء وباتت هي المسيطرة وبيدها لجام الأمور لكنها تعجبت من نفسها بل صدمت فقد شعرت بقلق وتخبط بالبداية فحاولت ترتيب نفسها وتنظيم حياتها لكنها فشلت ولم تستطع تحمل المسئولية وحدها وكأنها اعتادت على تلقي الأوامر والإلتزام بالقيود فقسمت الأدوار بينها وبين عبد الرحمن واحتفظت لنفسها بالقليل متشوقة أن يأتي الوقت الذي تمارس فيه دور وهيمنة حماتها
دأبت حافظة على غرس نفس مبادئ زوجها بعبد الرحمن ترغبه فيها وتزينها له زرعت بفكره أن قمة الإهانة أن يضرب الرجل من امرأة حتى وإن كانت والدته أو معلمته لذا بات عبدالرحمن متفوقا بكل المواد التي درستها له معلمات ومشاغبا بتلك المواد التي درسها له معلمون لاحظ الجميع ذلك فدأبت إدارة المدرسة على جعل جميع مدرسيه سيدات تجنبا لإثارة المشاكل
كبر عبد الرحمن يري أمه أعظم الأمهات فيكفي أنها امتنعت عن ضربه منذ ۏفاة والده تعامله كرجل قائد البيت تسأله وتأخذ رأيه في كل الأمور فتحمل المسئولية صغيرا ومع الوقت أصبح هو من يقرر ويحدد لها ما تفعله بكل تفاصيله بيده وحده مقاليد كل الأمور رأيه نافذا عليها لا يقبل النقاش ولكن ببعض الأوقات تقلب الأوضاع وتتبدل وذلك ببعض الأمور السطحية البسيطة فيمتثل لأمرها يطيعها فقط يوافقها وينفذ حلمت حافظة كثيرا بدور الحماه المسيطرة والمتحكمة بزوجة ابنها تقص على عبد الرحمن دوما وتحكي له ما يرسغ تلك الفكرة بوجدانه
عارف يا عبد الرحمن نفسي الأيام تجري وتتخرج من الجامعة تشتغل وتتجوز وأشوفك في بيتك قوي متحكم زي أبوك كلمتك أمر نظرة منك ټرعب مراتك وعيالك محدش يقدر يراجعك في أي كلمة وقتها أنا كمان هبقي زي جدتك
ابتسم لها مجيبا
لازم أرعبها ما ينفعش بالحب
كادت حافظة أن تفقد تحكمها بذاتها وبالكاد تحكمت بكلماتها
حب أيه! ده كلام أفلام يا عبده الست لازم تترعب من جوزها وتخاف منه تسمع وتنفذ كلامه وإلا الحزام يشتغل أنت ناسي أبوك كان بيعمل معايا أيه ياما زرق لي ضهرى كنت اترعش أول ما يدخل البيت وكنت أمشي على العجين ما الغبطوش
كنت فاكرك مش حابة ده عشان كده كنت بتضايقي بابا كتير
حاولت جاهدة إخفاء مشاعرها
كنت ببقي عايزة أحس بقوته فبعمل كده
كنت بتضايقي لما أحاوطك واتحمل الضړب مكانك عشان كنت ببوظ اللي أنت عايزاه
أجابته باقتضاب وأبعدت مقلتيها عن مداره تخفي وجهها الذي
كسته الحمره عنه
أيوة
ظن أن حمرة وجهها خجلا فاسترسل
ودور جدتي أنها تقوى بابا وتشجعه صح!
أجابت بتسرع تخط بعلقھ ما تود فعله مستقبلا
ده ما
كانش الأساس كتير تخلق مشكلة عشان أبوك يأدبني وساعات تخليه يضربني من غير سبب لو فضل حبة مفيش مشاكل عشان ما انساش لسعة الحزام وأفضل خاېفة وعلي حد تعبيرها امشي على العجين ما الغبطوش
فاجأها بسؤتل لم تتوقعه
كنت مبسوطة بده
لم تجيبه بل وتحدثت بأمر أخر
مش عندك مذاكرة ولا أيه روح ذاكر عايزاك شاطر ولا عايز أى مدرسة من اللي عندك تعاقبك وتضربك! أوعي يا عبد الرحمن دي إهانة كبيرة قوى
لا يا أمي أنا بذاكر كويس جدا إستحالة أخلي مدرسة تعاقبني مهما كان العقاپ بسيط أو أنها تزعق لي
شاطر يا عبده يلا قوم كمل مذاكرة
اجتهدت حافظة لتزين غايتها لابنها توهمه أن تلك الأفعال تسعد الزوجة وتشعرها بقوة زوجها تخفي دوما حقيقة شعورها بأنها کرهت والده وکرهت وجودها معه لم تشعر بأنها ما زالت على قيد الحياه إلا بعد ۏفاته ووالدته بل غزتها السعادة حين توفيا وأن حمرت وجهها ڠضبا ولست خجلا كما ظنها
دوما تقص حافظة ما عاشته مع زوجها وتسرده مزينا لتعزز فكرة عقاپ الزوجة وتأديبها وتثبتها في قلب ووجدان عبد الرحمن وهو يسمعها يحمل داخله علامة استفهام عظمى رغم بسمته التي تزين وجهه يتسائل عقله هل هذا فعلا ما تحبه النساء! كيف يكون الألم حبا كيف يكون الخۏف قوة أيختلف إحساس الألم من الرجل للمرأة أهو للمرأة حبا وللرجل سيطرة وهيمنة! غريبة هي هذه العلاقة ما أعجبها!
لم يظهر عبد الرحمن لوالدته تساؤلاته عن تلك العلاقة واندهاشه لغرابتها فأخفى عدم اقتناعه يرى دوما بعينيها ما يحدثه بعكس ما تقصه له وترويه يرى بين طيات كلماتها كلمات أخرى تسدل عليها ستارا بقي غير مقتنع بكلامها شاعرا بالتخبط بين ما ترويه وما يسكن مقلتيها
مر الوقت واستمر الحال على ما هو عليه اعتاد عبد الرحمن ومحمود حياتهما الجديدة فأصبح كلا منهما عماد بيته وقائده لم يرد عبد الرحمن تكوين صداقات يتعامل مع جميع من حوله بحدود لا يسمح لأحد بالاقتراب منه إلى حد الصداقه وانشغل محمود باحتواء أسرته الصغيرة وإحاطتها بالحب والحنان عن تكوين صداقات إعتاد ملازمة حبيبة ومصاحبتها ذهابا وإيابا حتى المدرسة رغم قربها من المنزل إلا إنه لا يطمئن إلا وإن فعل واظب على مصاحبتها بجميع حفلات المدرسة معروفا محبوبا بين مدرسيها اعتادت حبيبة أن تلقبه بابا وأحب هو سماعها منها
حاول محمود جاهدا إخراج والدته من دوامة حزنها لفراق والده لكنه عجز فلم تستطع فاطمة تخطي صدمة ۏفاته وطالما شعرت باقتراب أجلها وداومت على توصيت محمود على اخته
حبيبي أنت عارف أنك مكان بابا الله يرحمه عايزاك دايما تفتكر كان يتعامل معاك إزاي ونقاشه معك في كل حاجة خصوصا القرارات اللي تأثر في حياتك مهما كبرت أو صغرت
فاكر طبعا يا ماما بابا الله يرحمه عودني على النقاش معه وكان يسمعني كويس طويل البال ودايما يوضح لي إزاي أقدر أختار وأفرق بين الصح والغلط
عايزاك دايما تعمل كده مع حبيبة أوعي تجبرها على حاجة مهما شوفتها صح أو تمنعها ڠصب عن حاجة مهما اختلفت رأيك عنها دايما تناقش معاها وفهمها عواقب كل حاجة احسبها معها كلمها دايما عن بابا زي ما بعمل دلوقت هي مالهاش غيرك من بعدي
بعد الشړ عنك يا أمي ليه بتقولي كده! ربنا يخليكي لينا ويعطيكي الصحة
الأعمار بيد الله يا حبيبي وكلنا لنا معاد أنا من يوم ما بابا سابنا وأنا بحاول أكون قد المسئولية وأنت يا حبيبي شايل كتير تعمل مع حبيبة اللي بابا كان حيعمله وأكتر بقيت أخوها وباباها ربنا يبارك